فصل: سئل: عن صناعة التنجيم والاستدلال بها على الحوادث‏‏؟

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: مجموع فتاوى ابن تيمية **


/ وَسُئل ـ رحمه اللّه تعالى ‏:‏ ما يقول السادة الفقهاء أئمة الدين ـ رضي اللّه عنهم أجمعين ـ في هؤلاء المنجمين الذين يجلسون على الطرق، وفي الحوانيت وغيرها، ويجلس عندهم النساء، والفساق ـ أيضا ـ بسبب النساء، ويزعم هؤلاء المنجمون أنهم يخبرون بالأمور المغيبة، معتمدين في ذلك على صناعة التنجيم، ويكتبون للناس الأوفاق، ويسحرون، ويكتبون الطلاسم، ويعلمون النساء السحر لأزواجهم وغيرهم، ويجتمع النساء والرجال على أبواب الحوانيت بسبب ذلك، وربما آل الأمر إلى غير ذلك من إفساد النساء على أزواجهن، وإفساد عقائد الناس، وتعلق همجهم بالسحر والكواكب، وإعراضهم عن اللّه عز وجل والتوكل عليه في الحوادث والنوازل‏:‏ فهل يحل ذلك، أم لا‏؟‏

وهل صناعة التنجيم محرمة، أم لا ‏؟‏ وهل يجوز أخذ الأجرة على ذلك، وبذلها حرام، أم لا‏؟‏ وهل يجوز لمن له تعلق بالحانوت من ناظر ومالك ووكيل أن يؤجره من ذلك أم لا ‏؟‏ وهل الأجرة حرام، أم لا‏؟‏ وهل يجب على ولى الأمر وكل مسلم يقدر على ذلك إزالة ذلك، أم لا‏؟‏ / وهل إذا لم يفعل ولي الأمر الإنكار عليهم يدخل في وعيد الحديث الصحيح المروي عن النبي صلى الله عليه وسلم، وهو قوله‏:‏ ‏(‏ما من وال يسترعيه اللّه رعية، ثم لم يجهد لهم، وينصح لهم، إلا لم يدخل معهم الجنة‏)‏ ‏.‏

وإذا أنكر ولي الأمر هذا المنكر يدخل في قوله تعالى‏:‏ ‏{‏وَلْتَكُن مِّنكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَأُوْلَـئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ‏}‏ ‏[‏آل عمران‏:‏ 104‏]‏ وهل يثاب على ذلك الثواب الجزيل إذا أنكره أم لا ‏؟‏ وإن رأوا أن يذكروا ما حضرهم من الأحاديث الوعيدية في ذلك مأجورين‏.‏ إن شاء اللّه تعالى‏؟‏

فأجاب‏:‏

الحمد للّه رب العالمين، لا يحل شيء من ذلك، وصناعة التنجيم التي مضمونها الإحكام والتأثير، وهو الاستدلال على الحوادث الأرضية بالأحوال الفلكية، والتمزيج بين القوى الفلكي والقوابل الأرضية ـ صناعة محرمة بالكتاب والسنة، وإجماع الأمة، بل هى محرمة على لسان جميع المرسلين في جميع الملل، قال اللّه تعالى‏:‏ ‏{‏وَلَا يُفْلِحُ السَّاحِرُ حَيْثُ أَتَى ‏}‏ ‏[‏طه‏:‏ 69‏]‏، وقال‏:‏ ‏{‏أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُواْ نَصِيبًا مِّنَ الْكِتَابِ يُؤْمِنُونَ بِالْجِبْتِ وَالطَّاغُوتِ ‏}‏ ‏[‏النساء‏:‏ 51‏]‏، قال عمر وغيره‏:‏ الجبت ‏:‏ السحر‏.‏

وروى أبو داود في سننه بإسناد حسن، عن قبيصة بن مخارق عن النبي صلى الله عليه وسلم قال‏:‏ ‏(‏ العيافة والطرق والطيرة من الجبت ‏)‏، قال عوف / راوي الحديث‏:‏ العيافة‏:‏ زجر الطير، والطرق‏:‏ الخط يخط في الأرض، وقيل‏:‏ بالعكس‏.‏ فإذا كان الخط ونحوه الذي هو من فروع النجامة من الجبت، فكيف بالنجامة‏؟‏ وذلك أنهم يولدون الأشكال في الأرض؛ لأن ذلك متولد من أشكال الفلك‏.‏

وروى أحمد وأبو داود وابن ماجه وغيرهم بإسناد صحيح عن ابن عباس قال‏:‏ قال رسول اللّه صلى الله عليه وسلم ‏:‏ ‏(‏ من اقتبس علما من النجوم اقتبس شعبة من السحر، زاد مازاد ‏)‏، فقد صرح رسول اللّه بأن علم النجوم من السحر، وقد قال اللّه تعالى‏:‏ ‏{‏ وَلَا يُفْلِحُ السَّاحِرُ حَيْثُ أَتَى ‏}‏ ‏[‏طه‏:‏ 69‏]‏، وهكذا الواقع، فإن الاستقراء يدل على أن أهل النجوم لا يفلحون، لا في الدنيا ولا في الآخرة‏.‏

وروى أحمد ومسلم في الصحيح، عن صفية بنت عبيد، عن بعض أزواج النبي صلى الله عليه وسلم، عن النبي صلى الله عليه وسلم، أنه قال‏:‏ ‏(‏ من أتى عرافا فسأله عن شيء لم تقبل له صلاة أربعين يوما ‏)‏، والمنجم يدخل في اسم العراف عند بعض العلماء‏.‏ وعند بعضهم هو في معناه، فإذا كانت هذه حال السائل فكيف بالمسؤول‏.‏

وروي ـ أيضا ـ في صحيحه عن معاوية بن الحكم السلمى قال‏:‏ قلت يارسول اللّه، إن قوما منا يأتون الكهان‏.‏ قال‏:‏ ‏(‏ فلا تأتوهم ‏)‏ ، فنهى النبي صلى الله عليه وسلم عن إتيان الكهان، والمنجم يدخل في اسم الكاهن عند الخطَّابي/ وغيره من العلماء، وحكى ذلك عن العرب‏.‏ وعند آخرين هو من جنس الكاهن وأسوء حالا منه، فلحق به من جهة المعني‏.‏

وفي الصحيح عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال‏:‏ ‏(‏ ثمن الكلب خبيث، ومهر البغي خبيث، وحلوان الكاهن خبيث ‏)‏ حلوانه الذي تسميه العامة ‏[‏حلاوته‏]‏ ويدخل في هذا المعنى ما يعطيه المنجم وصاحب الأزلام التي يستقسم بها مثل الخشبة المكتوب عليها‏.‏ أ ،ب ،ج ، د ، والضارب بالحصى ونحوهم فما يعطى هؤلاء حرام‏.‏ وقد حكى الإجماع على تحريمه غير واحد من العلماء‏:‏ كالبغوي، والقاضي عياض، وغيرهما‏.‏

وفي الصحيحين عن زيد بن خالد قال‏:‏ خطبنا رسول اللّه صلى الله عليه وسلم بالحديبية على أثر سماء كانت من الليل، فقال‏:‏ ‏(‏ أتدرون ماذا قال ربكم الليلة‏؟‏‏)‏ قلنا‏:‏ الله ورسوله أعلم، قال‏:‏ ‏(‏ أصبح من عبادي مؤمن بي وكافر بي، فمن قال‏:‏ مطرنا بفضل الله ورحمته فذلك مؤمن بي وكافر بالكواكب‏)‏ وفي صحيح مسلم عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال‏:‏ ‏(‏ ما أنزل اللّه من السماء من بركة إلا أصبح فريق من الناس بها كافرين، ينزل الله الغيث ويقولون بكوكب كذا، وكذا‏)‏‏.‏ وفي صحيح مسلم عنه صلى الله عليه وسلم، أنه قال‏:‏ ‏(‏ أربع في أمتي من أمر الجاهلية‏:‏ الفخر بالأحساب، والطعن في الأنساب، والنياحة، والاستسقاء بالأنواء ‏)‏، وفيه عن ابن عباس، عن النبي صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏{‏ وَتَجْعَلُونَ رِزْقَكُمْ أَنَّكُمْ تُكَذِّبُونَ ّ‏}‏ ‏[‏ الواقعة ‏:‏82 ‏]‏ قال‏:‏ ‏(‏هو الاستسقاء بالأنواء‏)‏، أو كما قال‏.‏

/والنصوص عن النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه وسائر الأئمة بالنهي عن ذلك أكثر من أن يتسع هذا الموضع لذكرها‏.‏

وقد تبين بما ذكرناه أن الأجرة المأخوذة على ذلك، والهبة، والكرامة حرام على الدافع، والآخذ، وأنه يحرم على الملاك والنظار والوكلاء إكراء الحوانيت المملوكة أو الموقوفة أو غيرها من هؤلاء الكفار والفساق بهذه المنفعة؛ إذا غلب على ظنهم أنهم يفعلون فيها هذا الجبت الملعون‏.‏

ويجب على ولي الأمر وكل قادر السعى في إزالة ذلك‏.‏ ومنعهم من الجلوس في الحوانيت أو الطرقات، أو دخولهم على الناس في منازلهم لذلك وإن لم يفعل ذلك فيكفيه قوله تعالى‏:‏‏{‏كَانُواْ لاَ يَتَنَاهَوْنَ عَن مُّنكَرٍ فَعَلُوهُ ‏}‏ ‏[‏المائدة‏:‏ 79‏]‏، وقوله سبحانه وتعالى‏:‏ ‏{‏ لَوْلاَ يَنْهَاهُمُ الرَّبَّانِيُّونَ وَالأَحْبَارُ عَن قَوْلِهِمُ الإِثْمَ وَأَكْلِهِمُ السُّحْتَ ‏}‏ ‏[‏المائدة‏:‏ 63‏]‏ فإن هؤلاء الملاعين يقولون الإثم ويأكلون السحت بإجماع المسلمين‏.‏ وثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم برواية الصديق عنه أنه قال‏:‏ ‏(‏إن الناس إذا رأوا المنكر ولم يغيروه أوشك أن يعمهم الله بعقاب منه ‏)‏، وأي منكر أنكر من عمل هؤلاء الأخابث، سوس الملك، وأعداء الرسل، وأفراخ الصابئة عباد الكواكب‏؟‏‏!‏ فهل كانت بعثة الخليل صلاة الله وسلامه عليه إمام الحنفاء إلا إلى سلف هؤلاء، فإن نمرود بن كنعان كان ملك هؤلاء، وعلماء الصابئة هم المنجمون ونحوهم وهل عبدت الأوثان في غالب الأمر إلا عن رأي هذا الصنف الخبيث، الذين يأكلون أموال الناس بالباطل ويصدون عن سبيل الله‏؟‏‏!‏

/ومن استقوه ممن ينتسب إلى التدين بكتاب فإنه الخليق بأن يأخذ بنصيب من قوله‏:‏ ‏{‏ وَلَمَّا جَاءهُمْ رَسُولٌ مِّنْ عِندِ اللّهِ مُصَدِّقٌ لِّمَا مَعَهُمْ نَبَذَ فَرِيقٌ مِّنَ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ كِتَابَ اللّهِ وَرَاء ظُهُورِهِمْ كَأَنَّهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ وَاتَّبَعُواْ مَا تَتْلُواْ الشَّيَاطِينُ عَلَى مُلْكِ سُلَيْمَانَ وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ وَلَـكِنَّ الشَّيْاطِينَ كَفَرُواْ يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ وَمَا أُنزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ بِبَابِلَ هَارُوتَ وَمَارُوتَ وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّى يَقُولاَ إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلاَ تَكْفُرْ فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُمَا مَا يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ وَمَا هُم بِضَآرِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلاَّ بِإِذْنِ اللّهِ وَيَتَعَلَّمُونَ مَا يَضُرُّهُمْ وَلاَ يَنفَعُهُمْ وَلَقَدْ عَلِمُواْ لَمَنِ اشْتَرَاهُ مَا لَهُ فِي الآخِرَةِ مِنْ خَلاَقٍ وَلَبِئْسَ مَا شَرَوْاْ بِهِ أَنفُسَهُمْ لَوْ كَانُواْ يَعْلَمُونَ وَلَوْ أَنَّهُمْ آمَنُواْ واتَّقَوْا لَمَثُوبَةٌ مِّنْ عِندِ اللَّه خَيْرٌ لَّوْ كَانُواْ يَعْلَمُونَ ‏}‏ ‏[‏البقرة‏:‏ 101، 103‏]‏‏.‏

وهكذا قد اعترف رؤساء المنجمين ـ من الأولين والآخرين ـ أن أهل الإيمان أهل العبادات والدعوات يرفع اللّه عنهم ببركة عباداتهم ودعائهم وتوكلهم على الله ما يزعم المنجمون أن الأفلاك توجبه، ويعترفون ـ أيضا ـ بأن أهل العبادات والدعوات ذوي التوكل على الله يعطون من ثواب الدنيا والآخرة ما ليس في قوى الأفلاك أن تجلبه‏.‏ فالحمد لله الذي جعل خير الدنيا والآخرة في اتباع المرسلين، وجعل خير أمة هم الذين يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر وقال تعالى‏:‏ ‏{‏ فَسَوْفَ يَأْتِي اللّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللّهِ وَلاَ يَخَافُونَ لَوْمَةَ لآئِمٍ ذَلِكَ فَضْلُ اللّهِ يُؤْتِيهِ مَن يَشَاء وَاللّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ ِ‏}‏ ‏[‏ المائدة ‏:‏ 54‏]‏ ، واللّه يؤيد ويعين على الدين واتباع سبيل المؤمنين ، واللّه ـ سبحانه وتعالى ـ أعلم، وأحكم‏.‏

 وَسئل ـ رَحمه اللّه تَعالى ـ عن صناعة التنجيم والاستدلال بها على الحوادث‏:‏ هل هو حلال أم حرام‏؟‏ يحل أخذ الأجرة وبذلها، أم لا‏؟‏ وهل يجب على ولي الأمر منعهم وإزالتهم من الجلوس في الدكاكين‏؟‏

فأجاب‏:‏

بل ذلك محرم بإجماع المسلمين، وأخذ الأجرة على ذلك، ومن الجلوس في الحوانيت والطرقات، ومنع الناس من أن يكروهم ‏.‏ والقيام في ذلك من أفضل الجهاد في سبيل اللّه، واللّه أعلم‏.‏

 وَسئل ـ رَحمه اللّه ـ عمن قال لشريف‏:‏ ياكلب، يا ابن الكلب، لا تمد يدك إلى حوض الحمام، فقيل له‏:‏ إنه شريف، فقال‏:‏ لعنه اللّه، ولعن من شرفه، فقيل له‏:‏ أين عقلك‏؟‏ هذا شريف‏!‏ فقال‏:‏ كلب بن كلب، فقام إليه وضربه‏:‏ فهل يجب قتله أم لا ‏؟‏ وشهد عليه بذلك عدو له ‏؟‏

/فأجاب‏:‏

لا تقبل شهادة العدو على عدوه ولو كان عدلا، وليس هذا الكلام بمجرده من باب السب الذي يقتل صاحبه، بل يستفسر عن قوله‏:‏ من شرفه، فإن ثبت بتفسيره أو بقرائن حالية أو لفظية أنه أراد لعن النبي صلى الله عليه وسلم وجب قتله‏.‏

وإن لم يثبت ذلك، أو ثبت بقرائن حالية أو لفظية أنه أراد غير النبي صلى الله عليه وسلم، مثل أن يريد لعن من يعظمه، أو يبجله، أو لعن من يعتقده شريفا، لم يكن ذلك موجبا للقتل باتفاق العلماء، لا يظن بالذي ليس بزنديق أنه يقصد لعن النبي صلى الله عليه وسلم، فمن عرف من حاله أنه مؤمن ليس بزنديق كان ذلك دليلا على أنه لم يرد النبي صلى الله عليه وسلم ‏.‏ ولا يجب قتل مسلم بسب أحد من الأشراف باتفاق العلماء، إنما يقتل من سب الأنبياء‏.‏ وفيمن سب الصحابة تفصيل ونزاع بين العلماء‏.‏

ولكن من ثبت عليه أنه اعتدى بقوله أو فعله على شريف أو غيره، عوقب على عدوانه‏:‏ إما بالقصاص بما يكون فيه المماثلة، وإما التعزير بما يمنعه من العدوان، وإما بحد القذف إن كان العدوان قذفا يوجب الحد‏.‏

وتجب عقـوبة المعتدين ـ أيضا ـ وإن كان شريفًا فقد ثبت في الصحيحين عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال‏:‏ ‏(‏إنما هلك من كان قبلكم أنهم كانوا إذا سرق فيهم الشريف تركوه، وإذا سرق فيهم الضعيف أقاموا عليه الحد، والذي / نفس محمد بيده، لو سرقت فاطمة بنت محمد لقطعت يدها‏)‏ ‏.‏ وما يشرع فيه القصاص في الدماء والأموال وغيرها، ولا فرق فيه بين الشريف وغيره، قال النبي صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏(‏المسلمون تتكافأ دماؤهم، ويسعى بذمتهم أدناهم‏)‏ الحديث، واللّه أعلم‏.‏

 وَسئل ـ رَحمه اللّه تَعالى ـ عن رجل أراد أن يشتكى على رجل، فشفع فيه جماعة، فقال‏:‏ لو جاءني محمد بن عبد اللّه فيه، ما قبلت فقالوا‏:‏ كفرت‏؟‏ استغفر اللّه من قولك، فقال‏:‏ ما أقول‏؟‏

فأجاب ـ رحمه اللّه تعالى‏:‏

أما قول الرجل لو جاءني محمد بن عبد اللّه‏.‏ إذا ثبت عليه هذا الكلام فإنه يقتل على ذلك، ولو تاب بعد رفعه إلى الإمام لم يسقط عنه القتل في أظهر قولي العلماء، ولكن إن تاب قبل رفعه إلى الإمام سقط عنه القتل في أظهر القولين، وإن عزر بعد التوبة كان سائغا‏.‏

/ وسئل ـ رحمه الله ـ عن رجل لعن اليهود، ولعن دينه، وسب التوراة‏:‏ فهل يجوز لمسلم أن يسب كتابهم، أم لا‏؟‏

فأجاب‏:‏

الحمد لله، ليس لأحد أن يلعن التوراة، بل من أطلق لعن التوراة فإنه يستتاب، فإن تاب وإلا قتل‏.‏ وإن كان ممن يعرف أنها منزلة من عند الله، وأنه يجب الإيمان بها، فهذا يقتل بشتمه لها، ولا تقبل توبته في أظهر قولي العلماء‏.‏

وأما إن لعن دين اليهود الذي هم عليه في هذا الزمان فلا بأس به في ذلك، فإنهم ملعونون هم ودينهم، وكذلك إن سب التوراة التي عندهم بما يبين أن قصده ذكر تحريفها مثل أن يقال نسخ هذه التوراة مبدلة لا يجوز العمل بما فيها، ومن عمل اليوم بشرائعها المبدلة والمنسوخة فهو كافر، فهذا الكلام ونحوه حق لا شيء على قائله، والله أعلم‏.‏